الأطر التربوية: حال وطننا حين تسند الامور إلى غير أهلها

العاصمة الرباط، تعودت على زيارتها مرارا لأسباب مختلفة: مرة من أجل السياحة، وأخرى لأغراض إدارية، لتكون زيارتي لها هذه المرة في يوم رمضاني مشمس من أجل المطالبة بحقي العادل رفقة حوالي ألفٍ من الأطر التربوية أوقد تزيد قليلا.
كانت بداية اليوم جد مشجعة، ترى الأصدقاء ورفاق درب النضال وقد انطلقوا كل من مصر، يَزِفون خبر قدومهم للعاصمة بمنشوراتهم على شبكات التواصل الاجتماعي وكأنهم يُزُفون لعروس طال لها الشوق وكَل في سبيلها الجبين. فئة تهتف "ها أنا قادم يا رباط"، "لبيك يا مسيرة الصائمين"، والباقي تعلو البسمة محياه، ولا أحد يظن أن العرس سيتحول إلى مأثم بفعل كيد الكائدين.
انطلقت سلمية تلتحف الأبيض، أحكم فيها تنظيم الجموع، وحيي فيها الأطر، من ساحة باب الحد، حتى مثيلتها ساحة البريد. هناك وقفت متربصة جموع من "قوى الأمن"، كل واحد منها يصل طوله المترين في زمن قلت فيه قامات الكائنات البشرية (أقصد يتم اختيار الأفضل لولوج صفوف رجال الأمن)، خرج من بين هذا التنظيم الذي لم نشاهد مثله إلا في معارك الأفلام التاريخية، شرطي يلبس لباسا أبيضا تزينه أشرطة بألوان علم المغرب.
ساد صمت صفوف الأطر التربوية وكأنهم يترقبون صافرة حكم في مباراة نهائية. توجه نحونا في خطى مختلة كأنما يدك الأرض دكا، وبنبرة ظالمة أمرنا بوقف مسيرتنا السلمية، فغضب الأطر وأطلقوا صافرات الاستهجان والشعارات المطالبة بحرية الاحتجاج المسجلة في دستور مملكتنا كحق من الحقوق الشرعية، التفت خلفه وتراجع خطوات، ثم أمر، فإذا بجموع رجال الأمن ينقضون علينا ويتفننون في الركل تارة، وفي التلويح بعصيهم المعدنية تارة أخرى، فترى إطارا ينزف هنا، وآخر هشمت عظامه هناك. الكل خائف، يركض، يصرخ، يتألم، و"قوى الأمن" لم يرتوي ظمؤها بعد، طاردتنا في ساحة البريد وشوارعها، تربصت بنا في ساحة باب الحد وأسواقها، وأجهزت علينا في قلب المدينة حيث شاهد المواطن مطاردات تذكر بحملات صيد الخنزير البري (الحلوف).
مر نصف اليوم في كر وفر، حصيلته مجموعة من الجرحى التي أصابتهم أيدي أو عصي "رجال الأمن" ولو أنهم في التأثير سواء. وأستاذة صدمتها سيارة بعد أن حاولت الفرار بنفسها من بطش "رجال الأمن"، وجموع أخرى من الجرحى دهستها أقدام الجموع الفارين من كيد الظالمين.
والسبب: أننا طالبنا بحقنا عن طريق ممارسة حقنا. فالعمل حق دستوري، والاحتجاج حق دستوري، يمنعنا عنهما "رجل ترأس الحكومة" لا يخاف الله ويعبث في الأرض فسادا.
لكننا أطر تربوية، لن نمل ولن نخاف، فإما الإدماج، أو الممات، أو يتدخل أمير المؤمنين لوقف مهزلة حكومة "خائنة_شعبية" لا تفقه في السياسة، ولا تعرف سوى التطبيل في البرلمان أو البرامج التلفزيونية.

هناك تعليقان (2)

  1. الحق ينتزع ولايعطى الادماج حق مشروع لكم

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظة لــ ياسين الدريوش 2016 ©